نزولا عند رغبة بعض الإخوة الكرام ممن كلمني هاتفيا و من كتبوا معلقين على ما نشرته في موقع وكالة كيفه للأنباء من ذكريات عن مدينة كيفه الحبيبة ،و تلبية لرغبة هؤلاء و انسجاما مع رأي من يرون أنه لا ضير في قطرات دمع او إشراقة ابتسامة عند استحضار ذكرى حسب موضوعها و ما تعنيه بالنسبة لشعب و ربع إرتبطا ارتباط الروح بالجسد، و صدق فيهما قول القائل:
بلاد بها نيطت علي تمائمي//
و أول أرض مس جلدي ترابها.
و ألتمس لنفسي و لهؤلاء العذر في ان نبكي بلا نواح و لا عويل و لا لطم للخدود و لاشق للجيوب ،رغم أنه في ذاكرة تاريخ مدينتنا ما قد يحمل الشهم العصي الدمع على البكاء دما ،كما حصل مع والدنا الداه ولد سيد الأمين رحمه الله حين فجع لفقد أخيه و صديقه محمد الراظي ولد محمد محمود تغمده الله برحمته ،فرثاه باكيا يقول:
خطب جليل أصاب السهل و العلما//
و خلّف الدمع فوق الخد منسجما.
دمعا ضننت به في كل نائبة//
و اليوم اعذره ان يستهل دما.
في حين أنه قد يبكي آخر لأتفه الأسباب فنراه يتدرج في البكاء لمجرد هجر او صدود كما حصل للقائل:
امنين اغل لريام//
صاعتن و اتنحيت.
اتنهت افلخيام//
و امنين امشيت ابكيت.
كما أن ضحكنا لن يكون قهقهة و لن تضرب فيه الأرجل بالأرض حتى نعطي كل ذكرى حقها بأدق حساب.
و بما أنه يوجد من يسخرون ممن يبكون او يضحكون لمجرد استحضار أي ذكرى ،فإني أذكِّر هؤلاء أن من شُهد له بأنه اشعر الشعراء الذي هو امرئ القيس ،لم ينج من معارض حين قال في مطلع معلقته:
قفا نبكي من ذكرى حبيب و منزل//
بسقط اللوى بين الدخول فحومل.
فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها//
لما نسجتها من جنوب و شمأل.
فهذا صفي الدين الحلي يقول معارضا:
تنقل فلذات الهوى فى التنقل//
و رد كل صاف و لا تقف عند منهل.
ففي الأرض احباب و فيها منازل//
فلا تبك من ذكرى حبيب و منزل.
و لاتستمع قول امرئ القيس إنه //
مُضِل و من ذا يهتدي بمضلل.
و عودة للموضوع فإنني قد تذكرت الآتي مما لا يمكن "لكيفاوي" عريق نسيانه.
فكيف انسى جوادين أصيلين ظلا حتي و قت قريب مطيتين ذلولين لوالدين كريمين من آبائنا تغمدها الله برحمته هما :(الداه ولد سيد الأمين و عبد الله ولد بابه)
كيف أنسى أول صهريج اصفر اللون لصاحبه( بون ولد حمال) رحمه الله و منزله شرق المستوصف القديم الذي آل ملكه بعد ذالك لأهل( انتهاه )ليملكه لاحقا صديقي (سيد احمد ولد احمدناه )
وكيف أنسى سيدتين قابلتين صرخ على يديهما صرخة الوضع الجيل الممتد من السبعينات حتى نهاية القرن العشرين من من ولدوا في المستوصف و المستشفى القديمين في كيفه إنهما والدتانا (كومبا ونافي) رحمهما الله تعالى.
وكيف أنسى اقدم اربعة الممرضين بالمدينة هم آباؤنا (عبد الباقي كمرا و بوگطاي اتراوري و ابوه سلا و سيد احمد ولد الوناس ) رحم الله الجميع ، و من هؤلاء من عمل في فرقة الطب المتنقل المعروفة محليا ب:"طب اترپانو"
وكيف انسى أخصائيي ختان الأطفال بالمستوصف المركزي (سيسا و بنچگ) رحمها الله.
و هل يمكن ان أنسى أول مصور فوتوغرافي السيد (دامبلي) بكامراه التقليدية بالأببض والأسود رحمه الله ،كما كان يتولى مهمة إصلاح الساعات ب"ابناطر الحكومه"
كما أتذكر أن أول من عمل خطاطا بكيفه و هو والدي( دافيد) مد الله في عمره ،و قد عملت معه تلميذا في هذا الفن آخر أيام ممارسته له، و كان الأول بل الوحيد الذي أرانا صورة متحركة عبر عدسات سينمائه المشهورة.
وأتذكر "أگراج" (انچوگه) و خُردة(صمب أطل لصفر) شرق مطعم (ابراهيم أفال) و خلف المدرسة5 سابقا.
و أتذكر أن آخر فنانتين في كيفه تمسكتا بعادة إحياء أماسي المديح النبوي طيلة شهر المولد النبوي الشريف هما الوالدتان:(أمروم و أفيله بنتا انبط) رحمهما الله.
كما أتذكر أنه من اشهر عمال مقالع الحجارة التي كانت تستعمل في بناء المدينة كل من : (احمد سالم و اعبيد البل و بركه) رحم الله الجميع .
و أتذكر أن السيارة الوحيدة التي كانت تنقل اكوام الحجارة من مقالعها إلى المدينة هي( Benne46) لسيد ولد اصنيبه رحمه الله.
ولن أنسى "فور اشبيلو" وخبز اوقيتين و"مشوي بلخير" و"چمچمبيرت سانقري" و"تمتامت صمب" و"انعيجت بوملانه".
وأخيرا لا أريد ان يظن القارئ الكريم أنني نسيت بعض المعالم كالمباني القديمة الموروثة عن المستعمر، و التي تعمدت عدم التعرض لها حتى لا أثير موضوع مشروعية ملكيتها، كما أنني تعمدت عدم ذكر بعض الشخصيات لأني أراها متأخرة شيئا ما مثل:(بود البيضاء و ازويرت بو امديد و يباوه و آخرون.
النهاه ولد احمدو
46442289